قال استشاريون نفسيون وعلماء اجتماع أردنيون إن انجذاب المشاهدين للمسلسل التركي المدبلج "نور" يعود لأجوائه الإنسانية والرومانسية المفقودة في الأسرة العربية، لكنهم استدركوا مؤكدين أنه لا يتناغم مع العادات والتقاليد العربية.
وأضافوا للجزيرة نت أنه رغم المظاهر البراقة فأسرة المسلسل تعاني من تفكك وبطله أناني وهذا لا يناسب الرجل العربي الذي يعيش ظروفا وثقافة مختلفة وتساءلوا "كيف تفشل دراما في موطنها وتنجح عندنا؟".
أين إيجابياته؟
ويرى مستشار الطب النفسي الدكتور وليد سرحان أن انجذاب الناس يتمحور حول مظهر الممثلين ومواقع التصوير والقصص الرومانسية المتداخلة التي تنقل المشاهد لعالم مختلف عمّا يرى ويعيش, ويقول "لقد شاهدت أجزاء فقط ووجدت أنه ممل ولم ألمس فيه إيجابيات حتى الأطباء والأمراض لا تظهر بصورة أفضل مما في المسلسلات الغربية".
وبحسب الدكتور سرحان فالمسلسل لا يتناغم مع العادات والتقاليد العربية فهو صورة عن المجتمع التركي الذي يتجه نحو الثقافة الغربية وقد يكون في هذا عنصر إثارة للمشاهد العربي الراغب في تطعيم ثقافته ببعض اللمسات الغربية.
ويضيف أن شخصية البطل مركبة بين الفرد المعتمد على المظهر والمركز وبين العواطف الجياشة والحب غير المتناهي واللطف في التعامل مع من يحب وهذا ما يجذب النساء بالتأكيد.
ويقول إن الرومانسية العالية إحدى أركان جاذبية المسلسل لكنها ليست كل ما فيه فهناك الكثير من المسلسلات العربية ذات الرومانسية العالية لكنها لم تجذب الناس.
الفراغ
"تعلق معظم المشاهدين بالمسلسل "نور" يُعزا للفراغ الذي تعيشه الأسر ولافتقادها لأجواء المودة فضلا عن غياب المسلسلات العربية المنافسة
" من جهته قال أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأردنية الدكتور محمد الدقس إن تعلق معظم المشاهدين في الأردن بالمسلسل "نور" يُعزا للفراغ الذي تعيشه الأسر وعدم قدرتها على قضائه خارج المنزل وغياب مسلسلات منافسة، ويرى أنه لو كانت هناك دراما عربية على شاكلة "الحاج متولي" لكان الوضع مختلفا.
وأضاف أن "الرومانسية التي يطرحها المسلسل مفقودة لدى أسرنا العربية الأمر الذي قد يشد المشاهد لمعرفة جوهرها وكيفية التعبير عنها".
ويستطرد الدقس قائلا إن "موقف الجد فكري يقدم صورة مشرقة لآبائنا وأجدادنا وهي ظاهرة عاشتها الأسرة العربية منذ خمسين عاما على الأقل لكن قيمة كبار السن في مجتمعاتنا أخذت تنحسر لدى أحفادهم".
أناني
وحول مآخذه على أحداث "نور" قال أستاذ الاجتماع الأردني إنه يطرح أوضاع أسرة مفككة تنهشها المشاكل، فالمسلسل علماني، وأسرتنا العربية لا تعيش هذا الواقع بسبب العامل الديني، فالبطل "مهند" رجل أناني يرغب في امتلاك المرأة وتجاوز الواقع وهذا لا يناسب الرجل العربي الذي يعيش ظروفا وثقافة مختلفة، وأضاف أن المسلسل لا يبرر وقوع الطلاق لأن العملية مجرد تمثيل، مؤكدا أنه لم يسمع عن حالات طلاق في الأردن بسبب المسلسل.
عناصر جاذبة
بدوره يرى استاذ علم الاجتماع بالجامعة الأردنية الدكتور مجدي الدين خمش أن هناك عناصر تقنية وقيمية تشكل عوامل جذب للمشاهد العربي، فجوه إنساني، ويركز على العلاقات الأسرية ويتفحصها مما يعني أن المواطن العربي مدمن عليها.
كما يطرح المسلسل عادات وتقاليد وقيم مألوفة للمشاهد العربي رغم أنها تركية، "فقد اقتبسنا هذا التراث الاجتماعي عن الدولة العثمانية ولا يزال معنا ونعتقد أنه عربي وهو في الحقيقة ليس كذلك".
ويقول الدكتور خمش إن المسلسل فشل في تركيا لأن الأسرة التركية ترى فيه شيئا من الماضي ولا تشعر بهويتها بينما الأسر العربية تشعر بأنها تتطابق معه.
ويضيف خمش إن الأسرة الأردنية تجد الجو الذي تتمناه، فمن المنطقي هروب المشاهد من مشاكله اليومية لأجواء الرومانسية والطيبة والتناغم والمناظر الطبيعية التي يتوق إليها.
كما تجد بعض الزوجات أن المسلسل يحث أزاوجهن نيابة عنهن بأن يتعلموا ويتصرفوا برومانسية ووداعة وديمقراطية في البيت، فالقرآن الكريم ركز على الوظيفة العاطفية للأسرة كالمودة والرحمة والسكينة.
المصدر:الجزيرة نت